حوار مع مريضة..2

بدأت أتمالك أعصابي وأحاول السيطرة عليها...وقلت لنفسي...كيف تعيش هذه المرأة بهذا الجزء الغريب من جسمها؟؟

إنها بطلة...اقترتب من الجزء الغريب في منطقة القرب وبدأت أنظر إليه وأرتب أبعاده في ذهني....كان كبيرا
لدرجة كافية أن قد يأخذ بلب الطبيب الحازم

وضعت يدي عليه أتحسس درجة حرارته -التي توقعت ارتفاعها...وبالفعل قد كان

وما أن لمست يدي هذا الورم الغريب ..انفجرت صرخة من المرأة هزت أركان الحجرة

هدات من روعها وسحبت يدي

قلت لها..أرني الجزء المقابل من جسدك....كي أقارنهما ببعضهما

كانت المرأة تسحب الغطاء عن الناحية المقابلة...وعيناي تتسعان مع كل حركة تكشف جزءا من صدرها

يا الله... ما هذا الجزء المبتور من الضلوع؟؟

أخبريني أيتها المرأة عن هذا الضلع المكسور.من كسره؟؟

المرأة: كسره من قالوا عزير بن الله ..في يونيو 1967 كسروه....وما جبر حتى الآن...

الطبيب: ماذا؟؟ لقد علمت فيما علمت أنه لم تمض ست سنوات الا وقد استرد أبناؤك حقكِ ومرغوا في التراب أنوف هؤلاء المجرمين

تنهدت المرأة بعمق ورقصت ..في عينيها دمعتان

كذبوا عليك يا ولدي...ما استرد لي حقي أحد...قتل الكثير من أبنائي...وضحوا في سبيل الله وجاهدوا جهادا شديدا.. وبعد كل هذا..بيعت دماؤهم بورق اتفاقيات صلح مع هؤلاء الملاعين المجرمين....مات الشرفاء....ليعيش كثير من ملوثي الايدي...حسبي الله ونعم الوكيل...مات الشهداء....و.....وكفى عليك يا ولدي هذا...قلت: اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيكي

(lub,dub)وضعت سماعتي على قلب المرأة...لأستمع الى أصوات ...ليس كما تعلمناها من ضربات القلب المعروفة بـ

.....أغمضت عيناي وأطلقت العنان لأذناي لتستمعان بدقة ...

أصوات غريبة...صراخ وضرب...وسب واستهزاء بالدين...ومدافع ونيران..وكلاب بوليسية...وصدى مظاهرات قادمة من بعيد و...صوت أناس يصرخون جوعــاً...هرج ومرج ودوي شديد

وأصوات تقول الله أكبر..وأخرى لا اله الا الله...مصادمات وحوادث...انتهاكات وتفجيرات..

يا الله...ثبتنا يا الله....

فتحت عيناي...لأرى المرأة الخجولة الحيية تبكي...

قلت:ما يبكيكي يا أماه..

قالت..ما رأى عورتي أحد من قبل يا بني....قلت لها لكن انا طبيب...وحالتك تستدعي طبيب...وما دام لا يوجد هناك طبيبة فالضرورات تبيح المحظورات..والضرورات تقدر بقدرها...

في وسط هذا الورم الغريب ..ذو الحرارة الملتهبة...كانت هناك قرحة فيها أجزاء سوداء وأخرى حمراء...

سألتها عنها..هل تؤلمك تلك القرحة؟؟

قالت: بشدة..
قلت :ومن تسبب فيها؟؟

قالت: أبنائي

قلت: من؟؟؟

قالت : نعم...كما أخبرتك يا ولدي...أصحاب لحى...يدعون علماً شرعياً..ويدعون فهماً وحكمة...شاعوا تكفيرا في إخوانهم..وقتلوا من جاء يزورني..من الكفار...حملوا أسلحتهم ووجهوا نحو صدور إخوانهم..قتلوا كثيرا من اخوانهم...وخرجت الرصاصات وأصابتني..وهذا مكانها..أسأوا لإخوانهم..وأعادوني للوراء سنين طويلــة

جلست على الكرسي المقابل لسرير الكشف...جففت عرقي ...وجلست استمع وأنا أهز رأسي

قالت: ما اتم أحدهم حفظ القرآن أو درس السنة أو عقيدة أهل السنة..أوحتى الفقه...ومع هذا...قاتلوا باسم الدين..للدين..وباسم الشريعة للشريعة...وباسم الوطن للوطن..وكذبوا
قالوا عن أنفسهم
مجاهدين...ولا ادري عن اي جهاد كانوا يتحدثون...قالوا نحن أتباع الاسلام....وما أعلم في القرآن آية تبيح قتل الذمي..فضلا عن المسلم........أرادوا التغيير..بالقوة..وظنوا أن الناس ستقف معهم..وما علموا ان هذا ليس هو منهج الرسل في الاصلاح..

نظرت إليها مشدوها سائلا اياها..ليس جهلا...وانما ليطمأن قلبي

أفلا ترين الحل في المظاهرات والتفجيرات والاضرابات؟؟

لا يا بني...أبنائي..وأبناء أخواتي....أصبحوا بعيدين عن ربهم...فابتلاهم ربهم بمن يسومهم سوء العذاب

تفحصت القرحة... وقلت لها...لكن هؤلاء الابناء منهم من تاب ومنهم من مات ومنهم من ترككي وذهب بعيدا

فلماذالم تطب هذه القرحة للآن؟؟

ابتسمت في حزن واسترسلت في الكلام مرة أخرى: كيف يطيب يا بني والمصلحون أقلاء

ألم تسمع قول الشاعر:

فكيف يتم البنيان يوما تمامه...................إذا كنت تبني وغيرك يهدمُ

يابني...لقد كانت القرحة كبيرة...اكبر من هذا.... لكن من الله علي ببعض المصلحين الذين بدأوا في العلاج منذ سنوات...لمحاولة اصلاح ما أفسده هؤلاء الجاهلون.

قلت أتفحص الورم....لربما أجد ما يساعدني على معرفة ما هذا الشئ الفذ وجدت حبة في حجم عقلة الإصبع..لا تقل حرارتها ارتفاعا عن الورم.. لكنها يخرج منها سوائل ذات رائحة كريهة..

وبالرغم من أن هذه الحبة صغيرة..الا ان السوائل الخارجة منها..تزكم الأنوف...ذات لون رمادي..

سألتها عنها ومن سببها:

قالت يا ايها الطبيب:..هذه روائح العلمانية والقومية العربية والشيوعية الماركسية والليبرالية والماسونية....هذه يا بني زبالات أفكارهم...

سألتها: وهل الإفرازات الكريهــة هذه من مدة؟؟

قالت: لا...لم تخرج الا هذه الايام...

قلت في نفسي...هذا دليل على بداية قوة للجهاز المناعي لدى هذه المرأة....بدأ المصريون المسلمون يعودون إلى ربهم..فبدأت هذه الافرازات تطرد خارجا عن جسد هذه الأم...نبذا لهذه الافكار الدخيلة عليهم..

قلت لنفسي: رحم الله امرأ عرف قدر نفسه

أيتها المرأة: اذهبي إلى الطبيب المسلم الثقة (س) ...سيقوم بعمل أشعة على الصدر..وموجات فوق الصوتية على القلب...و سيتم أخذ عينة من هذا الورم وتحليلها...

وتفضلي هذا الخطاب..نصه

بسم الله :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

الأخ الطبيب-س

مرسل لك هذه المرأة أخوك في الله(خالد)

برجاء عمل المطلوب لها...في أسرع وقت ممكن

أضف ثمن الاشعة والتحاليل على ديوني التي هي لي عليك

مع إعطاءنا رأيكم ...في التشخيص

وفقكم الله وسدد خطاكم...والسلام عليكم

أماه...تفضلي باسترداد ثمن الكشف من الأخ السكرتير....

وبعد استكمال نتيجة الاشعة والتحليل ...تعالي الى هنا مباشرة

مرت أربعة أيام..كانت على أخيكــم..أربع سنوات...ما جاور لي النومُ داراً..وكان الأرق صديقي...رفقا لحال هذه المرأة

وفي اليوم الخامس دخلت المرأة وجلست

وبدأت أتفحص التقارير والأشعات

وكــان هذا ما خلصنــا إليــه