الاثنين، ٤ أبريل ٢٠١١

قصة الاعتقال- الجزء الثاني

أذان المغرب أسمعه يعلو وصوت المؤذن وهو ينادي الله أكبــر..الله أكبــر
كأنها رسالة من الله-عزوجل- لي الله أكبر منهم يا خالد
الله أكبر من هؤلاء الظالمين المجرمين
الله اكبر من أسلحتهم ورشاشاتهم
الله أكبر من حصونهم
كانت تكبيرات الآذان تزيدني فرحا وصبراً بالرغم من أنني محاط بمجموعة كبيرة من العساكر وضباط أمن الدولة المدججين بالأسلحة
وانا معصوب العينين ..
انحدرت سيارة الشرطة من على كوبري اكتوبر يسارا إلى قرب ميدان التحرير
ومنه إلى شارع طويل
ثم توقفت فجأة وشعرت انني وأنا أنزل منها انني في شارع خالي من المارة
نزلت منها ونزلوا معي عساكر أمن الدولة يتقدمهم زبانية أمن الدولة

قبل دخولك إلى مبنى أمن الدولة بلاظوغلي تخضع للتفتيش الدقيق جدا لانني باعتباري -مجرم خطير- من المتوقع ان أحمل في جيبي سماعة طبية
أو جهاز ضغط يمكنني من خلال جهاز الضغط أن أستخدم الزئبق مع الزجاج المطحون وإضافة بعض قطع المطاط عليه ليصبح قنبلة انشطارية

دخلت من البوابة -وسبحان الله- لم أشعر بالخوف بل والله كلما ازداد اقترابي من مبنى لاظوغلي في داخله كلما ازددت طمأنينة
وكأنها من عند الله -عزوجل-
صعدت درجات السلم
وانا معصوب العينين طبعا...
الى ان انتهى الامر بي الى ان وقفت أمام مكتب البيه الظابط في لاظوغلي
اوقفوني قليلا خارج الباب
ثم ادخلوني

تظاهر الضابط بانه يتحدث في التليفون ولا يعير لي انتباها وانا واقف أمامه
بالطبع أنا أعرف أنه يريد أن يقيمني ويريد أن يرى ارتباكي أمامه
صمتت واقفا
وسألني : تعرف انت فين؟
قلت له : لأ
قال لي : انت في لاظوغلي
طبعا رفع صوته في كلمة لاظوغلي ليوحي لي بأنني في مكان ما خارج كوكب الأرض
قلت له : لا حول ولا قوة إلا بالله
ثم قال : عندنا كل الطرق اللي تحبها
وأمر عساكره ان يخرجوني لانتظر خارج الباب
في الطرقة
أحكي لكم عن الطرقة في لاظوغلي
طرقة طولها حوالي 20 متراً وعرضها حوالي مترين
والسقف يرتفع عنها بمقدار 5 متر تقريبا
وبها بابان باب قريب من مكاتب الظباط
وباب أخر يفتح على مكتب أمناء الشرطة ويوصل للحجز اللي تحت الأرض
وفي آخر الطرقة غرفة التعذيب حوالي 5 متر في 5 متر
وفي جدران الطرقة توجد (أعزكم الله) حلقات حديدية (كالتي تربط بها البهائم في الحظيرة)حوالي 10 على كل جانب ترتفع عن الأرض حوالي شبر يقومون بربطنا بالكلابشات في الحلقة
يوميا من الساعة الثانية بعد منتصف الليل وحتى الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم التالي...
خرجت من عند سمير زكي (طبعا ده اسم حركي) (رتبته على ما اعتقد مقدم أو عقيد)
وقفت في الطرقة دقيقة
وأتى كائن حي اسمه ابراهيم ...لا تفرق صوته عن صوت الجاموسة (أعزكم الله)
واحضر بطانية متهالكة وامرني بان افرشها على السيراميك
فرشتها واجلسني مكاني
قلت له اصلي العصر مردش عليا
قلت في نفسي وانا لا اخافهم
فصليت مكاني وانا لا اعرف اتجاه القبلة
وبعد الانتهاء من الصلاة طلبت منه ان يأخذ من نقودي ليشتري لي طعاما
قال لي اجلس مكانك
جلست
ودقيقتين واتى لي بطعام من عندهم (ربنا يطعمهم من طعام أهل النار)
اكلت
وحاولت رفع الغماية قليلا عن عيني لارى اين انا
وماهي الا ثانية ووجدته يعود الي ويخبرني بان رفع الغماية في هذا المكان جريمة

لم اهتم لأمر الغماية بعد ذلك
جلست لمدة ثلاث ساعات
وانا افكر في هذه الحال
وصليت العشاء
وحوالي العاشرة مساءا
وجدت سمير زكي ينادي على امناء الشرطة
بان يحضروني
سألني اسالتهم المملة المعتادةك احكي لي قصة التزامك
قلت له: انا ملتزم منذ طفولتي
استفزه الكلام
وبدأ الحديث معي يأخذ من جانبه منحى آخر
ولا أعرف ماهو دخل أمي أو أبي بي
ما الفائدة من سبهم وشتمهم أمامي؟
الفائدة هي محاولة للضغط العصبي والنفسي علي
لأعترف لهم بأي شئ عن أي شئ حتى ولو لم أقم بأي شئ
قال لهم خدوه
أخدوني للطرقة مرة اخرى
وقال لهم قلعوه

الحقيقة أنني لم أنصدم كثيرا لما سمعت هذه الكلمة
لأنني قد قرأت عن وسائل أمن الدولة في التعذيب وفي الضغط على الناس
وإخوانهم من زبانية سجن أبي غريب قد فعلوا مثل ما يريدون فعله الآن
المهم
كان سمير زكي محترما معي حتى هذه اللحظة
ذلك أن مستوى خلع الملابس كان مقتصرا على الملابس الخارجية فقط
بمعنى أنه أوقفني في هذه الليلة بالملابس الداخلية فقط

طبعا لن أحكي لكم عن برودة هذه الليلة والسيراميك اسفل مني
بدأت أقرأ في سورة يس
قال لي : انت بتحسبن علينا؟
قل له : لا , انا باقرأ قرآن

دقائق وتم سحبي الى داخل غرفة التعذيب
عافاكم الله
خمسة متر في خمسة متر
لأول وهلة حتى وانت معصوب العينين تشم رائحة الذنوب تخرج من هذه الغرفة النتنة
غرفة يحاربون فيها الله ورسوله , ويصدون فيها عن سبيل الله-عزوجل-
ويفتنون الناس عن دينهم

أدخلوني اليها
وتم توصيل احد الاسلاك باصبع رجلي الصغير
والطرف الاخر تم توصيله بالسبابة
وماهي الا ثانية وأحسست بان جسمي ينتفض من شدة الكهرباء التي تسري فيه
وأنا أقفز من على الارض من شدة الألم ..وبدأت ضحكاتهم تتعالى في الغرفة ودخان سجائرهم يخنقني
وقال لي سمير زكي: عندنا من 20 فولت لحد 400 فولت
تعرف فلان ؟
الاجابة : لا
طيب خذ
وجرعات متواصلة من الكهرباء
يتخللها فواصل قبيحة من السب والشتم بالام والاب
والسخرية والاستهزاء
وبعد حوالي نصف ساعة من الكهرباء
اخرجوني الى الطرقة
وقضيت ليلتي منهكا من التعذيب ومن التفكير في ما يحدث
وجلست على الارض ولك ان تتخيل معي في هذا الموقف المرعب
وفي هذا المكان المرعب
كيف وأنت في وسط قوم يحاربون دينك ومعتقدك ويطبقون ساديتهم عليك
موقف مرعب جدا
ولكن الرحمن الرحيم فوقهم, وفوقك
ينزل على نعاساً أمنة من عنده
فنمت في مكاني وانا بملابسي الداخلية على السيراميك البارد
حتى بعد مطلع الفجر ......
يتبع

الثلاثاء، ٢٩ مارس ٢٠١١

قصة الاعتقال-الجزء الأول


في يوم 5-2-2010

الساعة العاشرة مساءا  دق جرس الهاتف المحمول الخاص بي

رددت السلام عليكم

الطرف الاخر: وعليكم السلام
خالد؟
قلت : نعم .. أنا هو
قال لي : أنا الرائد إسلام بركات من مباحث أمن الدولة بمدينة نصر
كنا عايزينك في موضوع كده ربنا يسهل
وعايزينك تيجي لنا قلت له ماشي اجي لك بكرة الساعة  9 صباحا
وبت ليلتي أفكر في ما يريده هؤلاء مني

وذهبت في الصباح إلى مقر مباحث أمن الدولة في مدينة نصر قصاد مسجد نوري خطاب
وكانت البداية

اسمك سنك عنوانك مهنتك  بطاقتك
ده طبعا مكنشي اسلام بركات
ده كان واحد تاني اسمه الرائد عصام طه
ثم نادى عصام طه على عسكري  من عنده وقال له : غميه
وكانت دي بداية قصتي مع الغماية

قصة مؤلمة جدا
بدأت أحداثها من الساعة الحادية عشر صباحا في يوم 6-2-2010
اتغميت وفضلت تقريبا لحد العصر متغمي
عايز اصلي الضهر مفيش ميه
قلت اتيمم واصلي
اتيممت وصليت
 الضهر
وجه العصر اذن
قالوا لي يللا يالا
على فين؟
يللا على شقتك
وخدوني المجرمين يتقدمهم اسلام بركات
في عنجهيه وتكبر
معصوب العينين
ووضعوني في عربية ترحيلات كبيرة
ومعايا ما يقرب من 20 عسكري معاهم اسلحة الية ومعاهم مقصات حديد وبنس
علشان يفسخوا بيها باب شقتي


ووصلنا لمنطقتي اللي انا ساكن فيها اللي هي زهراء مدينة نصر
وحاول  اسلام بيك بركات ضابط امن الدولة اقتحام الشقة ولكن الامن اللي على العمارة -اللي هم تابعين للجيش- رفضوا بشدة
مما اضطر البيه الى العودة بينا تاني الى الحي السابع  علشان يجيب مفتاح شقتي من مكتب امن الدولة اللي هناك لانه كان نسيه هناك


طبعا انا عرفت ان ضباط امن الدولة من اجبن خلق الله بعد الموقف ده
لانه باختصار عسكري من الجيش ثبته هو والقوة اللي كانت معاه


طبعا جبنا المفتاح
ورجعنا تاني
وكل ده وانا متغمي عينيا وراكب في عربية الترحيلات
وكأني متهم او بلطجي
عدنا بعربية الترحيلات الجبــارة ..إلى محل إقامتي بزهراء مدينة نصر...
ونزلت أمام العمارة بتاعتي...والقدر العجيب.. أن خالتي ام خالد القناوي وخالتي ام كريم كانتا قد اتيتا لزيارتنازز وكان أطفالهم الصغار البالغين من العمر 8 و 6 سنوات متواجدين بالشارع امام العمارة يلعبون ورأوني ومعي القوة المكونة من البيه إسلام بركات ومعه عساكر الامن المركزي بلباسهم الاسود واسلحتهم الرشاشة...
فنادوا علي
وأسرعوا إلى امهاتهم ينادونهم
وصعد معي البيه الضابط اسلام بركات إلى شقتي في الدور الثالث...
وفتح باب الشقة
وبدأ يبحث في الكتب الموجودة في شقتي
وبدأ فأخذ كتاب رسالة في الطريق إلى ثقافتنا للشيخ ابو فهر محمود شاكر ,وكتاب العدة في شرح العمدة وهو كتاب في الفقه الحنبلي... وبعض الكتيبات الصغيرة وبعض الكتب الطبية !!!!!وأخذ يقلب في الشقة يمينا ويسارا
وكان سيأخذ معه ظرف به كل الاوراق التي يتعلق بها مستقبلي ...إلا أن الله -عزوجل- منعـه
المهم البيه اسلام بركات أخذ الكتب الثمينة وجعلني أحملها
ونزل بي من العمارة
لأجد العمارة بها صفين من عساكر الامن المركزي كأنهم بنيان مرصوص
ووجدت خالتي أم خالد
أردت أن أسلم عليها إلا أنهم منعوني بالقوة
نزلت من العمارة وأنا أبتسم وألقي السلام على جيراني في عزة -والله- وكأن هؤلاء الجلادون الذين يقتادونني هم الأذلاء
وهم فعلا كذلك
ركبت السيارة الميكروباص ووجدت أخي د-أحمد نبيل
سلمت عليه من داخل السيارة
ووجدت خالتي ام خالد خارج السيارة تذكرني بمقولة كنت قد قلتها لها لما تم اعتقال زوجها الأستاذ-أبو خالد
في الميكروباص وبعد ركوبي بثانيتين تم تغميتي
علشان ماشوفشي وجوههم
وأعتقد  هي دي الحسنة الوحيدة اللي عملوها فيا إنهم كرموا وجهي من رؤية وجوههم القبيحة التي عليها سخط الله-عزوجل-
وتحركت السيارة
وأخذت طريقا غير الطريق الذي أتت منه
فعرفت أنهم لن يتجهوا بي إلى مكتب امن الدولة بمدينة نصر
وإنما سيتجهون لما هو أعلى منه
إلى لاظوغلي....بجوار ميدان التحرير بخمس دقائق
استقلوا كوبري أكتوبر
ودقائق وكنا في لاظوغلي