حوار مع مريضة..1

نق..نق..نق

كانت هذه هي صوت
طرقات على باب غرفة الكشف التي يوجد بها مكتب خشبي عريض أسود اللون , أجلس انا على كرسي وثير خلف
هذا
المكتب..لاستقبل ......المرضى..وفي الركن يوجد سرير-شاذلونج- للكشف..ويوجد ثلاجة
بها الأطعمة..وبعض الأدوية..ويوجد أمامي جهاز الحاسوب

: تبدأ القصة من هنا

دخلت امرأة..يبدو من هيئتها أنها صغيرة في السن.لكن ملامحها يبدو عليها العجز..الشديد..ملابسها
مهلهلة..ترتدي نقابا ممزقا..وتسير حافية القدمين..

قلت لها..يا أماه أين زوجك؟؟ فأنا لا أكشف على المرأة الا بوجود زوجها أو محرم معها

ردت في خجل: زوجي تركني..ويعيش الان مع امرأته الأخرى ومعه أولاد منها

قلت لها: أليس معك محرم؟

ردت: بوجه سرى فيه القليل من الدم..:نعم..هؤلاء أولادي

قلت: تفضلي ,اجلسي هناوأخذت قلمي ..وبدأت أمارس عملي..آخذ التاريخ المرضي منها أولا

ما اسمك يا أماه؟؟

ترد المرأة: مصر المسلمة

يسري في ذهني فكرة سريعة-لكأني سمعت هذا الاسم من قبل

كم عمرك يا سيدتي؟

المرأة:1406 عاما

انت متزوجة حاليا؟

المرأة: نعمأين تسكنين؟

المرأة:في جمهورية مصر الاسلامية

كم عدد أولادك يا سيدة/ مصر؟

المرأة: 72 مليون

هل تعملين؟

المرأة: قليلا, والبطالة هي ديدني

الطبيب: ما الذي تشتكين منه؟

المرأة: أشكو بملل رهيب..وتعب في قلبي يلازمني دائما..وكلما أردت القيام..أجدني لا أقوى عليه ..ودائما
أشعر بأن هناك من يعدو ورائي..يريد قتلي..أو يريد أن يسرقني..ولا أعرف أهذه حقيقة أم هلاوس؟

الطبيب: منذ متى وأنت تشتكين من هذا العَرَض؟

المرأة:منذ أن سرقوني من أمي

الطبيب: ومن الذي سرقك ومتى؟

المرأة: سرقني محمد علي الكبير..منذ 1805

الطبيب: ما اسم أمك يا أماه؟

المرأة: اسمها دولت

الطبيب: دولت؟

المرأة: نعم..دولة الخلافة الاسلامية

ولماذا ذهبتي معه؟

المرأة:قال لي بأن الحياة معه أفضل وأنه سيعوضني كثيرا عما تسببت أمي في فقدانه مني..فصدقته لطيب
كلامه المعسول....خاصة وأنه في بيت أمي كانت هناك مشاكل كثيرة..تسبب فيها زوج
أمي..وقد تعبت من هذه المشاكل يا بني الطبيب..قال لي هذا الرجل..بأني سأصبح مستقلة
وسأعيش أنا وهو..في بيت وحدنا..وستتحسن أحوالنا الاقتصادية...ولما رفضت أمي..جهز
جيوشا..وقاتل رجلا صالحا اسمه محمد بن عبد الوهاب..كان يحارب البدع
والشركيات...فقالت له أمي : يا محمد علي..ان قتلت الوهابيين -السلفيين- فسأعطيك
ابنتي..مجانا..افعل بها ما تشاء

سكتت المرأة ولم تستطع أن تكمل الكلام فأعطيتها كوبا من الماء..

وقلت لها :أكملي

قالت: فضحك علي وتزوجني..زواجا عرفيا....وياليتني ما أطعته..فنار أمي ولا جنته ...بكت المرأة

فطلبت من أحد أبنائها أن يربت على كتفها...وقلت لها لا تجزعي..واذكري الله..يرتاح قلبك

بكت بغزارة ثم قالت : استغفر الله العظيم

سألتهاوهل تزوجتي قبله؟

قالت: نعم..رجل من السلف الصالح

قلت: وما اسمه؟

قالت : عمرو بن العاص

شخصت ببصري..وتوقف نفسي وابتلعت ريقي لبرهة إجلالا لهذا البطل الصنديد

قلت :وما كان طبيعة زواجك به؟

قالت: زواجا شرعيا..على كتاب الله وسنة رسوله..وكما تقولون..على منهج السلف:

قلت: وهل كنتي سعيدة معه؟

قالت:أشد ما تكون السعادة..وكان رجلا بمعنى الكلمة,يغار علي..ولا يسمح بأن يراني أحد..ويحمي
ممتلكاتي..ويصون عرض أقربائي...ويحمي أولادي..وتحسنت معه حالتي النفسية والصحية
والاقتصادية جدا....وكنت قبله نصرانية كافرة...ولكنه حببني في الاسلام فاقتنعت
وتزوجته..وبالرغم من ان عمري اصلا اكبر من العمر الذي ذكرته لك..الا انني اعتبر
عمري الحقيقي هو منذ أن عرفت هذا الرجل السلفي الصالح..

قلت: والآن زوجك كيف حاله معك؟

قالت: لا اتحدث عنه...خوفا على منصبك ايها الطبيب

قلت لها: ان كان الامر يتبع السياسة..فانا ابغض السياسةولا احب الكلام فيها ..والأمر واضح لكل ذي
عينين

أصابني حزن في قلبي لما أصاب هذه المرأة من مكروه...

وسألتها: هل أصابك من قبل أمراض؟

قالت لي..نعم.

..حاول الكثيرون قتلي..وأجريت لي عمليات جراحية كثيرة وقتل اليهود كثيرا من ابنائي

سألتها: هل تتعاطين دواءا معينا؟

قالت : لا..أنا فقيرة...وبالرغم من أن مواردي كثيرة..إلا أن اللصوص يسرقون كل الأموال التي تأتيني

قلت: هل تدخنين أو تشربين الخمر؟

قالت : أما أنا فلا..وأما أولادي فكثير جدا من يشرب الدخان والمخدرات منهم..وعدد ليس بالقليل يشرب الخمر..بالرغم من أنهم مسلمون..ويعلمون أن هذا محرم

صعب علي حال هذه المرأة ..وتذكرت ماروي عن عمر الفارق-رضي الله عنه- أنه قال (إنما النساء لحمُ على
وَضَم..إلا من كانت ذات زوج) قد يكون الزوج موجودا ولكنه لا يقوم بواجبه تجه زوجته

قلت لها: هل في أقاربك حالات مشابهة لحالتك؟

قالت نعم: لي أخوات يبلغ عددهن حوالي 27 وهن مسلمات..وعدد أبنائنا يتجاوز المليار

تفوهت المرأة هذه الكلمات ومع آخر حرف...منها..انطلقت في بكاء غزير ونحيب شديد..تتقطع له الأفئدة أسفاً

قلت: ما بك يا أماه..اهدأي..تكلمي عن كل ما بك..فأنا داعية قبل أن أكون طبيبا..أنا مسلم..قبل أن أكون عربيا

أنا لا أخرج سرك..قولي مابك؟؟ بالله عليك..قولي..فلربما ساعدني ما عندك في حل مشكلتك..وتشخيص حالتك.

همست بصوت خافت وهي تنظر في الأرض: لي أربعة أخوات مغتصبات...

قلت: ماذا تقولين؟

قالت: هذا ما أقوله لك...اختي الاولى اسمها أفغانستان...خطفها الصليبيون..واغتصبوها..وعاونهم على ذلك شيعة
إيران..

ابتلعت ريقي..وقلت في نفسي...بلاء هؤلاء على المسلمين..ووالله أضر عليهم من اليهود والصليبيين.

استطردت قائلة: وأختي الأخرى اسمها العراق..أضا حالها كالأولى..سرقها الصليبيون..وعاونها في ذلك الشيعة

قلت لنفسي: يا الله (وما نقموا منهم-من أهل السنة والجماعة في عصرنا- إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد)و

قالت: والثالثة اسمها الصومال..سرقها الاثيوبيون الصليبيون..وعاونهم على ذلك بعض الخونة...والامريكان

ثم صمتت

قلت لها: أقول أنا لك..أن الرابعة...هي فلسطين الحبيبة..التي بيد اليهود....

قلت لها:ولكني اعرف ان اختك فلسطين لها أولاد أبطال..من أولاد الشيخ القسام والشيخ احمد ياسين والدكتور
الرنتيسي والمهندس يحي عياش...وقد أدبوا اليهود ....وهم على الدرب سائرون

قالت: ولكن لديها أبناء عاقون..هم بعض أبناء فتح..يضربون اخوانهم ويقتلونهم لأجل المناصب والاموال

قلت في نفسي: حسبي الله ونعم الوكيل.

قلت لها: أليس لديك من يدافع عنك؟

قالت : لا

قلت ماذا تأكلين؟

قالت: طعاما أغلبه به سرطان..والكثير من أبنائي أًيبوا بالسرطان وبالكبد وبالحمى القلاعية ..و...

قلت: قد سمعت كلاما كهذا في زارة الصحة..وسمعت انباءا عن اطعمة مسرطنة و..و..الخ

قلت لها: تفضلي يا أماه اصعدي على الشاذلونج لأقوم بالكشف عليكي
تركتها لمدة دقيقتين حتى تستر عورتها وتظهر فقط الجزء المطلوب الكشف عليه من جسدها..ألا وهي منطقة القلب

تحركت وانا أغض بصري..عن مالا يلزمني النظر إليه..وأخذت سماعتي... وجهاز الضغط...وتوجهت نحو المراة لأقوم بالكشف عليها...في وجود أحد محارمها معنا في مكان الكشف

فأزلت المنديل الصغير الذي يغطي منطقة القلب ..حتى أقوم بفحصها...وأصابني الذهول الشديد...

تسمرت في مكاني..وشخص بصري..وارتعشت يداي....وسرى الدم في أوداجي....لهول ما رأيت

يا الله..ما هــذا...ما هـــذا؟؟

أهذا معقول؟؟

أنا لا أصدق عيناي....لم أرى شيئاً كهذا من قبل

.....في لحظة أقل من جزء من المليون من الثانية...عدت بذاكرتي للخلف...أتذكر من أول يوم دخلت فيه الكلية إلى
هذا اليوم

....لأجد شيئا مشابها لما رأيته..ما وجدت

..... حتى في البالثولوجيا..ما رأيت شيئا كهذا من قبل..

.....ولا رأيته في الكتب..ولا في المراجع

.....ولا في كتب الأطلس الخيالية

.....ولا قرأت عنه

...................لقد رأيــــــــت

-سنكمل في التدوينة لقادمة- بإذن الله -تعالى